طاعون الرقص او وباء الرقص الهستيري:
وثق التاريخ ظاهرة غريبة أودت بحياة الكثير من الناس، ظاهرة اجتماعية حدثت في القرون الماضية بين القرن الرابع عشر و القرن السابع عشر، وسبب هذه الظاهرة قد يكون مرعبا للبعض، فكيف لنا ان نصدق ان الرقص قد جار على الناس بوباء جعلهم يرقصون بشكل متواصل حد الانهيار والموت، وقد ثقت هذه الظاهرة على انها مرض خطير سمّي "بوباء الرقص" او "طاعون الرقص"، كما أطلق عليه العديد من الاسامي الاخرى ابرزها:"جنون الرقص"، "رقص سانت جون"، "هوس الرقص"، "الرقص الهستيري". اثر الوباء على كلّ من النساء والرجال والاطفال، وقد عمدوا للرقص المطول الذي لا ينقطع على مدار اليوم، في مجموعات ضمت اما مئات او آلاف من الأشخاص في الوقت عينه، و قد رافقهم مجموعة من الموسيقيين ظنا منهم انها طريقة فعالة لدرء الهوس الا ان هذه الطريقة ادت الى نتائج عكسية، و انضم المزيد من الاشخاص الى حشد الراقصين المذعورين. انتشر الهوس في اوروبا كلها، و أثر على آلاف الناس و وثق في تقارير معاصرة منها: "مذكرات الطبيب"، "المواعظ في كاتدرائية المدينة"، السجلات المحلية والإقليمية" و "مذكرات مجلس مدينة ستراسبورغ".
اهم النظريات:
لم تعرف الاسباب الحقيقية وراء هذا الهوس او كما يلقب بالطاعون او المرض، بل بقيت الاسباب مجهولة، غير ان بعض النظريات رجحت عدة اقتراحات، بالرغم من تعارض آراء الباحثين وعدم التوافق على رأي محدد، و من بين هذه الاقتراحات والنظريات:
- فسر بعض الاطباء ان ما حدث آنذاك عبارة عن مرض نفسي جماعي، فقد ظهر على الراقصين اعراض جسدية متشابهة.
- اما النظرية الاخرى فترجح وقوف بعض الطوائف الدينية خلف حشود الراقصين، للتخلص من الفقر والاعباء، و التفكير المفرط، والاجهاد.
- .اما النظرية الاخيرة فهي زيادة "الدم الحار" في الجسم
ابرز القصص حول وباء الرقص:
- كانت اول ظاهرة للوباء في عام ١٣٧٤م في ألمانيا، حيث رقص الجمع لاسابيع و ايام متواصلة، و هم يصرخون من الرؤى الغريبة و يناشدون القديسين بالنجدة، و بعد هذه الحادثة تم انتشار المرض في بطاح أوروبا كلها.
- و من اشهر القصص التي يذكرها التاريخ عن مرض الرقص و الذي صنف على انه هستيريا جماعية، حادثة حصلت في يوليو من العام ١٥١٨م في مدينة ستراسبورغ، في اقليم الالزاس و قد كانت المدينة جزءا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، والتي تقع حاليا في فرنسا، حيث اقدمت امرأة تدعى "فراو تروفيا" على الرقص بحماس في احدى شوارع المدينة، حيث استمرت بالرقص من أربعة إلى ستة أيام دون انقطاع، و بشكل متواصل، و في غضون اسبوع انضم إليها ٣٤ شخصا آخرا، ثم ما لبث ان انضم اليهم أربعمائة شخص آخرين خلال شهر واحد، الذي استمروا في الرقص دون قدرة منهم على التوقف و قد بدى على ملامحهم القلق والارهاق والخوف الشديد. استمروا في الرقص حتى الموت، فمنهم من مات بسبب نوبة قلبية و منهم من قضي عليه بسبب الإرهاق، ومنهم من اصيب بسكتة دماغية اودت بحياته. سعى النبلاء آنذاك الى الاستعانة بالأطباء المحلية والأخذ بنصيحتهم، والذين بدورهم قد نفوا فكرة ان يكون ما يحدث لعنة أو اجرام سماويّ او اي سبب خارج عن المألوف والطبيعي، و رجحوا حينها ان يكون السبب وراء هذه الظاهرة المريبة هو زيادة نسبة الدم الحار في الجسم، غير أنهم لم يذهبوا للاحتجام كحل لهذا الأمر، بل نصحوا السلطات بالمزيد من الرقص. اقدم النبلاء على بناء قاعتين للرقص و منصات خشبية، و قد غلب ظنهم ان الراقصين سيتعافون ان رقصوا ليلا و نهارا دون توقف او انقطاع وبالتالي ستزول هذه الظاهرة المرعبة. رقص الجمع بحركات سريعة مكثفة، حيث ان احدا لا يجاري سرعتهم، كانوا يصرخون ويستنجدون و يتلوون من الألم والتعب الشديد، و يطالبون بأن يتم إنقاذ أرواحهم من هذا الرعب المحتم.
- و في رواية اخرى في بلدة ستريخت الهولندية، عمد ٢٠٠ شخص للرقص فوق جسر نهر موسيل، و ظل الجمع يرقص حتى انهار الجسر و غرقوا جميعا.
تعليقات
إرسال تعليق