حكاية قلب:
حكاية قلب أنهكته الحياة، قلب حُفر فيه الكثير من القصص والروايات التي لا تُحكى، قلب عانى الكثير من الأزمات والأحزان حتى ظن أنه لن ينجو من الملمّات الشديدة العاصفة بين دقاته. قلب يهرب من الصدمة ليصطدم بالأخرى، فكيف تنتظم نبضاته؟ وكيف يرتاح؟
قلبٌ عاشقٌ:
يميل هذا القلب للعشق ويبحث عن قلب آخر يشاركه سعادته، فيألف القلب قلبا آخرا ويتمنى قربه ويتمنى وصله للأبد، يقدّم له أسمى معاني الحب وأرقها، ويهيم عشقا بدقات متفاوتة وغير منتظمة وكأن لا قلبا ينبض غيره، وكأن اسم قلبٍ جديد بدأ يأخذ مكانه في سلسلة من المشاعر والأحاسيس، لا يعيقه من النبضات سوى تلك الهائمة في سراب حب قلب آخر، نبضات تهيم مطمئنةً على قلب اسمته بإسمها. في هذا القلب كلام كثير وأحاديث طويلة لا تترجمها سوى لغة العيون، فكيف تسمع صدى قلب دون أن تنظر عينيه؟
إنّ للقلب احساسا بصدق المشاعر، ويعرف القلب الذي ينبض لأجله من ذلك الذي يزيف خفقانه، ولكن تظل لغة العيون أصدق قولا، فالقلب لا يرى القلب الا عشقا، أما العيون تخاطب العيون وتتكلم لغة صادقة غير مخادعة، يرسل القلب لها مشاعرا فياضة فتلمع العيون معترفة بحب القلب المتيّم العاشق.
قلب بائس:
وقد ينقلب حال هذا القلب فجأة ويجول الهدوء في نبضاته وكأنها نبضات ناقصة متنافرة، فتسمع نحيبا في القلب وضجيجا يبكي اشجان عشقٍ ولّى، فتبدو الغصّة في العيون ظاهرةً للناظرين مبديةً ارتعاش ضرباته الخافقة. يحاول ارسال الاشواق والجوى ويبتغي مناداة قلب لا يذكره. يناشد الهوى ويستحلف العشق أن يوصله بحبيبه ولكن قلب الحبيب لم يعد قلبه فلا جدوة من المناداة. يشتد الاسى عليه وترتجف دقاته المبعثرة في حُرقة الهوى والقلب مازال يترقب الجواب ويأمل الوصل، ولكن شيئا تغير ولم يعد كالسابق وليس القلب للقلب نابضا، ولا الدقة للدقة تسمع، خيم الهدوء في العيون الشاردة وبدت مقصدا للحزن، يبكي القلب في سكات موحش مؤلم ويبحث عن أمل بسيط يبصره في عتمة ملأت أرجاء القلب. فهل للقلب طريقَ نورٍ جديد؟
عيون القلب:
قد يحدث أن تحيك الصدفة فرصة لتلتقي العيون ويهدأ القلب، فينتفض القلب ويسير العشق في جوارحه، وتلمع العيون بالأحاديث والاشواق المنكسرة، فيخيل للناظر أنها تروي قصصا وتقول كلاما كثيرا متناثرا، يسهل عليك فهم ما تريد ان تقول ويصعب فهم تلك الأحاسيس العاشقة المختلطة بالدموع. وقد يكون لهذه العيون تأثيرا على الحبيب فتعيد وصل ما انقطع وتعيد القلب للقلب حبيبا، وتعيد الفرحة المبعثرة و الأمل الضائع. فما الحب دون نظرة في العيون واحاديث تُروى بصمت بلغة القلب؟ وكيف يرسل القلب رسالة دون نظرة عميقة من القلب النابض بالهوى؟
أحكام القلب:
إن القلب يعرف لغة القلب ولكنه يتجنب سماع اصداء الحقيقة الخافقة، فكثيرا ما تكون حقيقة غير مرضية فيعدل عنها ويحاول تغييرها رفقا بدقاته المنهكة، وخوفا من وجعٍ في القلب يصيبه وألم يُدخله في صراع مع اليأس والقهر المميت، وكثيرا ما تكون الحقيقة مرضيّة للقلب ومشابهة للآمال التي رسمها بين أحاسيسه المرهفة، وكثيرا ما يبدأ الحب بلهفة العاشق المندفع ويكون الوفاء بين القلوب عامر، ولكن شيئا يغير الواقع ويسلب الوفاء ويجبر القلب على الرحيل والعيش بين امواج من الصمت البائس الغير منصف. وكثيرا ما يكون القلب لا يناسب قلبا آخر ولكنه يحاول رغم الفشل الذريع الذي يتعرض له مع كل محاولة، وأحيانا يرى القلب قلبا أقل منه شأنا وينتظر منه الولاء الكامل رغم قساوته فتكون نهاية قصة عشق اخرى سببها التعال، واحيانا اخرى يكون بيننا قلوبا تعيش حبّا هنيا وعشقا مرهفا برقة الاحاسيس فيبصران الاحلام حقيقة ويعيشان حياة مليئة بالسعاد وفيضاً من المشاعر النابعة من القلب المتلهف للحب.