علاقة الام بابنها:
تتساءل الكثير من النساء عن شعور الأمومة، وينتابهنّ الفضول حول اللقاء الأول بين أم و طفلها الذي ما لبث أن أبصر النور، غير أن هذا الشعور لا تكفيه الكلمات لتصفه، ففي البداية يكون جنينا يعيش في أحشاء أمه، ينبض بداخلها، يأكل، يلعب، يضحك، وبعدها تحين اللحظة المنتظرة، لحظة خروجه للعالم، وتكون الولادة، فتراه امه كأنه معجزة تحققت، فلا تصدق ما تراه أمامها، تقبله، وتحتضنه وتنظر إليه وكأنها تود ان تعيده الى الامان والاحتواء الذي كان يعيش فيه، فيبدأ الخوف من فقدانه، ويبدأ الشعور بالعجز، فتظن الأم أنها خسرت ابنها بمجرد وضعها لطفلها، فهو لم يعد بداخلها، لم يعد يشاركها انفاسها وطعامها، وكل احاسيسها ونشاطاتها، فتدخل في دوامة من الحزن الشديد، ثم تنظر إليه وهو نائم، خائفة عليه من كل شيء، تحاول حمايته بشتى الطرق، وتريد ان تبقى الى جانبه أكبر مدة ممكنة.
يحرمها النوم والراحة، تعيش لأجله، و تسعى لكل ما يريحه، تخاف عليه من الحزن، و تخاف أن تتبدل ابتسامته، وبالرغم من ذلك لا يشغل بالها سوى أمر واحد، وهو ان تراه يعيش بسلام وسعادة لا نهاية لهما، وتمر ايامها وهي حائرة بين الافكار والمخاوف، والاماني، وكل ما تريده ان يحبها، كما أحبته، وان يراها العالم كما تراه.
حب كبير، يختلف كل الاختلاف عن أي شعور آخر، فهو حب غير مشروط، حب لا يغيره شيء، فقد تظن ان التعب او الزمن قد يجعل الام تعتاد هذه العواطف المفرطة، او تضجر منها، الا ان الحقيقة أنها تأخذ في الازدياد في قلبها حتى يرهقها شدة الحب والعطاء، وتبقى غير راضية عن نفسها. ورغم كل ما تبذله من إحتواء واهتمام، وحب، تراها تعيش في عذاب الضمير من تقصير قد فعلته ولم تدري في حق صغيرها، أما بعض الأمهات تقاسي و تحزن خوفا من فقدان ابنها، او تعيش في قلق غير مبررٍ من أي مكروه قد يصيبه، والبعض الآخر من الأمهات، تنام قرب مولودها كي تشعر بالأمان رغم عدم إدراكه لما يقدمه لها من طمأنينة، وأما غيرهنّ، فيعشن في ذعر مستمر من ان يبقى ابنها وحيدا في هذا العالم الموحش دون ام تحميه او قلب يحتويه.
تساؤلات:
ويتساءل الكثير، عن مشاعر الطفل، هل يحب امه كما تحبه؟ هل يشعر بوجودها كما تشعر؟
وان اردت معرفة جواب هذه الأسئلة، عُد للحظات الاولى من ولادة طفلك، وتذكر كيف كان لا ينام سوى بالقرب من أمه لكي يسمع نبضات قلبها، وصوت أنفاسها، ليشعر بالسكينة، ويحلم بالمكان الذي عاش فيه طويلا، و يتحسس الأمان الذي كان يحيط به حين كان في أحشاء أمه، وانظر اليه، كيف يخاف ان تتركه وحيدا وتذهب بدونه، وكيف يفتقدها حين تغيب، فمهما كبر او عظم شأنه او تغير حاله سيشعر بالوحدة دونها، ففي الخلاصة يُعقد بين كل صغير وامه علاقة وطيدة، وارتباط قوي يجمع بين قلبيهما، فلا أم تقوى على فراق ابنها، ولا طفل يستطيع العيش بلا والديه.
علاقة الاب بإبنه:
وعلى الجانب الاخر، علاقة الاب بولده، فيظن البعض انها علاقة سطحية، الا ان للأب عواطف جياشة كعواطف الام، نفس الحب والعطاء، ونفس الاهتمام و الحنان، ونفس الخوف والقلق، إلا ان الاختلاف الوحيد انه احبه جدا، وانتظره كثيرا، وعاش لأجله منذ ان علم بوجوده، و وهبه اسمى المشاعر حين كان جنينا، وذلك قبل ان يراه او يشعر به. بالاضافة الى العاطفة القوية التي تجمع الاب بابنه، فيخرج المولود لعالمنا، وهو يعرف والده، كما يعرف امه، وينظر اليه دون الجميع، ويتفاعل مع صوته من بين الكثير من الأصوات، أهذه صدفة، أم معجزة؟ ام انه فطريّ بين كل أب وابنه؟
تعليقات
إرسال تعليق