حب للأبد:
و مرت الايام و هما في تناغم غير معهود، لأول مرة يكون الصفاء المصحوب بالطمأنينة هو ما يرافق حبهما، فكيف حصل ذلك؟ اين اختفى الشك؟ اين ذهبت الاسئلة؟ لما كل هذا الامان الذي حل على علاقتهما فجأة و دون سابق انذار؟ اهو امان مزيف بسبب تحديد موعد للقاء؟
ربما في بادئ الامر، يهيئ الينا انه ينبع من رغباته، ولكن الحقيقة ليست كما تبدو، فقد حدد موعدا للقاء، واخبرها به، ثم اعرضت عنه ولكنه لم يتخلى عنها، وقد قال:
- انني ذاهب في رحلة عمل بعد يومين، علّي ان القاك قبل ذهابي!
-اذا فليكن غدا او بعد غد!
-حسنا، فليكن بعد غد، اي قبل رحلتي بيوم واحد!
و فجأة لم تعد تخاف منه، بات قلبها يملؤه السكينة و الامان والحب، الا انها كانت متوترة من هذا الموعد، فهي خجولة بطبعها، مترددة، وان افكارا عديدة كانت تربكها، ففكرة لقاء شخص تحبه لهذا الحد، فكرة مقلقة الى حد ما، وظلت الافكار تأخذها من حيّز الى آخر، حتى ارسلت اليه قائلة:
-أتحبني؟
-أكثر بكثير من ما ابدي!
-اذا فلندع لقاءنا ليوم آخر، كأن يكون يوم مجيئك من هذه الرحلة!
-هل هذا ما تريدين؟
-نعم.
-فليكن!
-هل انت غاضب؟ هل ستتخلى عني!
-ابدا! اعدك مهما حصل، لن اتخلى عنك، او اتركك! فانا احبك جدا!
لأول مرة تسمع منه وعدا حقيقيا، مليئا بالحب والطمأنينة، وكأنه اراد راحتها او سعادتها، وكأنه اراد فقط ان يعرف مقدار حبها له، فبعد ان تأكد من صدق مشاعرها، لم يعد يتخذ الفراق قرارا. أما بعد، فقد اصبحت كلماته مختلفة، مليئة بالحب والشوق، مليئة بمستقبل يجمع بينهما، حتى اصبح يحدثها عن عشق لم يعد يلوح في الافاق تائها، بل عرف له مرسى، و وجد له ملجأً، اصبحت هي كل حياته، واصبح هو كل املها، فبعدما كانت تخاف ان ترد على اتصالاته، وتتهرب منه احيانا، اصبحت تتفرغ وتنتظر سماع صوته، و بعدما كانت ترفض هذا الحب، اصبحت في مأمن من كل انفصال او هجر.
باتت كل الامال حقيقة، وبات القلب ينعم بكل العشق، واصبح الحبيبين يتشاركان ادق تفاصيل حياتهما، و يعيشان الحب على امل اللقاء، علّ اللقاء يكون قريبا، فهي تريد ان تلقاه كما يريد، و تريد ان تهبه حياتها، ليبدآن معا حياة دون عوائق كما قال لها سابقا، لذا فقد عاهدت نفسها على ان تعطيه كل الاهتمام الذي حرمته منه، وان تعوضه عن كل ما بدر منها، وان تمشي معه في درب جديد مختلف كل الاختلاف عن دربها.
جلست مشتاقة نادمة، نادمةٌ على عدم اللقاء، "لم رفضت لقاءه، هل الخجل سيحرمني من النظر الى عينيه طويلا؟" هكذا قالت في نفسها، و بعدها قررت ان تكسر كل الحواجز، عسى ان تلقاه وتقبل شفتاه، وتحتضنه قبل رحيله، ثم اتصلت به في يوم رحلته، ظنا منها انه تبقى يوما على الرحله، اتصلت وطلبت ان تلقاه، فقد عز عليها ان ترفض وداعه، ولكنه قال:
- ان رحلتي اليوم، كم كنت اتوق للقياك، ولكنني لن اتاخر عليك! سأعود خلال ايام معدودة!
-لا بأس، ولكنني كنت اود لو اكون آخرمن تراه قبل رحيلك!
اياما قليلة تفصلها عن لقاءه، فإن يوم عودته سيكون يوم اللقاء. ربما المزيد من الوقت لا يضر، فلها ان تكسر حواجز الخجل، وان تعتاد على فكرة انها لم تعد وحيدة، ولكن كيف يكون اللقاء الاول مع شخص مثله؟ وكيف سيكون الحب؟ عسى ان يكون كل هذا الحب الكبير واقعا، وعسى حبا لا يموت، وعسى شغفا لا ينتهي، وعلّ الزمان يجمع بينهما للأبد.
تعليقات
إرسال تعليق