أمل بين القضبان:
خلدت للنوم مع كل الاسى الذي كان يلوح في جنباتها، يغمرها الاحباط، تعيش لحظاتٍ من الحزن الشديد، وكأنها فقدت كل ما يعز على فؤادها، فهو اغلى البشر و فقدانه كفقدان العين للبصر. افتقدته حد الانعزال عن العالم، والدخول في دوامة من الصمت المفرط، صمتا يكاد يضج من كثرة الاحاديث التي تدور في ذهنها، شعرت بوحدة لم تعهدها من قبل، وكأن الوحدة هي وحدة القلب دون الحبيب، الهذا الحد يمكن للحب ان يؤثر في قلوب البشر؟ الهذا الحد يمكن للفقدان ان يقتل الحياة في عيون المحبين؟ احقا يزداد الحب حبا رغم الفراق وعدم اللقاء؟ عن اي حب تتحدثون غير هذا الحب؟ لو أن تحدا روى لي هذه الحكاية، لجزمت انها من نسج الخيال، كأساطير العشق والخرافات، ولكنها حقيقة تحاك امام عيني.
خلدت للنوم و في قلبها عتاب كثير، قد بدأ الاضطراب و الالم يظهر في عينيها واضحا للناظرين، يظنها البعض تعبة من مسؤوليات القيت على عاتقها بسبب زوج مهمل، و يتساءل البعض عن سبب تقوقعها المستمر وحيدة، وكأنها تريد الاختلاء بنفسها كي تحاكي روحه، فهي تيقن انه يشعر بها. نامت و هي تحلم بغد افضل، حتى استقظت صباحا واذ برسالة منه يقول فيها:
-لقد وصلت الى لبنان الان، و قد اشتقت اليك يا حبيبتي! اخبريني كيف حالك؟
-انا بخير وانت؟ اشتقت الك كثيرا! لقد مرت هذه الايام ثقيلة على قلبي، لقد ارهقت كثيرا في غيابك، لم اعد اقوى على فراقك.
-اعذريني، لقد كنت مشغولا حقا، ولو تعلمين شدة انشغالي وحجم شوقي اليك، لعذرتيني!
لم تعاتبه او تلومه، ولم تلقي الكلمات الجارحة، ولم تشعره بحجم اليأس بداخلها، فهي مازالت تلتمس العذر له، لانها لا تعرف ظروف رحلته جيدا، الا انها تتمنى ان لا يخيب املها و ان لا تضيع ثقتها الكبيرة فيه. وبعد تفكير طويل، اصبحت مصرّة على لقاءه اكثر من قبل، تريد النظر اليه، تريد البحث عن الحقيقة من لغة جسده، وكلام عينيه، فهذه لغة لا ارادية، قد تكشف كل ما يجول في قلبه، اما عن شوقه فقد اوحي اليها انه حقيقة، لكنها تفضل ان تغلق على قلبها قليلا، كي تحميه وكي لا يؤذى من واقعا قد يكون عكس ما يبدي. اما الان فقررت قرارا نهائيا بأن تلقاه، ولكن اللقاء قد يأخذ وقتا كي ترتب افكارها، و تدرس خطواتها، سيكون اللقاء بعد اسبوع تقريبا من هذا اليوم، عسى ان يكون لقاءا جميلا، مليئا بالحب، وعسى ان تكون المخاوف اوهاما.
يراودها شعورا غريبا، بانه تعبٌ جدا من امر ما، وكأنه غير مرتاح، وكأن امرا شغله حد الارهاق، كما تشعر بأن حبها تضاعف في قلبه، وانه يسعى للحديث معها عن امر مهم قد يضعها امام مفترق طرق، ولكن ما سبب هذا الشعور الملّح؟ ما الذي يعيشه في هذه الاثناء؟ شيئا مختلفا يتأرجح بين اوتار القلب، اهو وهم ام حقيقة؟ هي تشعر ان رحلته هذه، وانشغاله دون الحديث اليها، جعلته يتخذ قرارا في مسألة ما، في البداية ظنت انه يريد الابتعاد عنها، اما الان فالشعور اختلف، واحاسيسا واضحة، لم تعد متناقضة في قلبها، وكأنه عرف لنفسه مرسى، ويريد الوصول الى بر الامان معها، ويريد اثبات حبه لها، وان يعيش ايامه الى جانبها. عسى ان تكون هذه المشاعر حقيقة، وعسى ان يكون لهما بداية جديدة، دون عوائق او عراقيل، و عسى ان تنتهي الآلام وينعما بحب خالد.
تعليقات
إرسال تعليق