خذلان:
وكأنهما يقصّان في قصة نسجت على اوتار الخيال، او كأنها ابطال حكاية من حكايات ألف ليلة و ليلة، ففي كل محاولة للقاء، يكون هناك عائق يمنعهما، اهي اشارات من الله ان لا خيرا يكمن في هذا الرجل؟ أم ان الصدف تلعب دورها فقط؟ أم ان الافضل دائما ما يأتي متأخرا؟
بين التاروت وقراءة الفنجان تعيش حياتها منهمكة، وكأنها تعلّق امالها على قشة اسمها العرّافين، تعيش بين الاوهام تنتظر اشارة منه، تحاول المضي قدما وعدم الالتفات اليه، غير انها لا تستطيع، تقف عند مفترق طرق، تهمل عملها و بيتها وكل ما في حياتها، وتنتظر حبيبها الغائب الحاضر.
التفتت حولها، واذ بها ترى الاشياء مكانها، كل شيء ساكن سوى قلبها، يضج بالمشاعر و النبضات المتفاوتة، يضج بالتعب و الأسى، بالحسرة واللوم، تعبةٌ لا تقوى على الكلام، عيناها تكاد تنطق حزنا، تريد ان تعرف ان كان قد احبها، وهل هو مشغول بأمر مهم، ام انه يتجاهلها عمدا؟ شيئا بداخلها يقول لها اصبري فما بعد الصبر الا الجبر، ثم اخذت تحصي ايامها التي ضاعت بين زوج مهمل و حبيب مرتقب، سنوات من الانتظار والوحدة، وايام طويلة من التفكير، تعيش وحيدة اسيرة للجدران، فما العمل؟ اتضيع المزيد من الوقت؟ ام تعود لسابق عهدها من العمل و الاصرار والحياة؟
كلمات و رسائل محفورة في القلب، و صوت يهمس عند مسامعها، وعشق عاد ليلوح في الافق بلا مرسى. ان أكثر ما يزعج خاطرها، انه يغيب عنها مرارا، و ينسى كم من العراقيل يجب عليهما تخطيها، كي يصلا للراحة الابدية. و في يوم غلب عليها الحزن فأرسلت اليه:
-لما لا تجيب على رسائلي؟ لما لا ترد على اتصالاتي؟ ما الذي تغير؟ هل ارجوك كي نلتقي؟ ان كنت تريد الفراق فلك ذلك!
-انا لا اريد الفراق، ولكن فلتعيدي النظر في ما مررنا به! من كان يرجو الآخر كي يجيبه او يلقاه! لا تلوميني بل لومي نفسك!
-لكنني احبك، وان كنت فيما مضى ابتعد عنك خوفا او ترددا مني، فأنا الان اريد وصلك!
-وانا ايضا احبك، وارجو ان لا تظني بي مثل هذا الظن.
وانتهى الحديث على هذا ولم تفهم منه اي شيء، ما الذي غشي على حبهما، اهو ينتقم منها لما عاشه بسببها؟ ولكن الا يجب عليه تفهّم ظرفها؟ وما عانت لأجله؟ لا احد يدري ما يجول بخاطره، غير انه مصر على لقائها بعد ايام. في البداية ودّت لو تلقاه خلال يومين، اما بعد كلامه المبهم فعاد الخوف يتأرجح بين اضلعها، و عادت للتهرب منه، ومن موعدها.
اما الان فقد قررت العودة لحياتها، واكمال العمل الذي بدأت به، وان تمارس كل ما تحب من هوايات، كالرسم والقراءة والكتابة، علّها تنجو بنفسها من الغرق في دوامة الاحاسيس المفرطة.
وفجأة اتصل بها واخذ يحدثها عن اشواق كالسراب، يهيأ لك انه يشعر بحبها يجري بين عروقه، ولكن أهو حب؟ اهو مجرد شغف للتعرف عليها عن قرب؟ ام انه يعيش في الاوهام؟ أمّا هي لم تعد تصدقه وكأن شيئا قد كسر في علاقتهما، شيئا لا يجبر، ربما عدم الاكتراث لآراء بعضهما او مشاعر كل منهما كان سببا في هذا الجرح العميق، او ان الهروب والتناقضات المتتالية باتت تلوح في افق العشق خذلانا.
اياما قليلة على اللقاء الاول، تريد ان تهديه لوحة، ترسمه فيها، علّه يسعد بها. تريد ان تعيش لحظات الغرام، وكأنها الخطوة الاولى لرسم طريقهما معا، عسى ان يكون هذا الموعد موعدا مع السعادة.
تعليقات
إرسال تعليق