على اوتار الذكريات:
وما لقلبك يبكي حرقة؟ أتصدقين ان الروح لروحها خائنة؟ وما لنفسك تدعي النكران، و تنفي حقيقة تلوح حول مسامعك؟ احقا يقول؟ وان كان ما يقول صحيحا، اذا الروح للروح لا تنتمي، فكيف للنفس ان تسيء لنفسها؟ وكيف لها ان تعيدها إلى قضبان الألم، بعد ان تعافت في ظل من ادّعى انه نصفها. هكذا تقول في نفسها بعد ان بات معترفا بزواجه و بأن زوجته على وشك الولادة، فهل يعقل أن تتحقق الكوابيس؟ ام انه يكذب؟ ام هو اختبار لحبها كما جاء في الحلم التعب، الذي رأته مسبقا.
كم مرت من ليال جميلة بعد خرجت من عزلتها وكم كان الحب جميلا، وكم تناغمت اوتار العشق، حتى كان قوله كسهام يغدق جراحا في فؤادها. يا لنفسها التي ظنت انها خرجت من دوامة الحزن والاسى، لم تشعر انها ستعود بائسة محبطة ككل مرة، ولكن شيئا ما يدفعها لتكذيبه، شيئا ما يلوح في أفق العشق محاولا همس حقيقة مبهمة، اهو الحب الكبير؟ ام الخوف من فقدانه؟ شيء ما يقف في منتصف الطريق ربما إحساس بالعجز والضعف، أو ربما خوف من واقع قد يكون اشد الما مما تعيش، ما الذي يحدث؟ ايقول كلمات جارحة بدافع الغيرة، ام ان ما يقول حقا؟ هكذا تتساءل، علّها تلتمس له اعذارا، وتقنع نفسها بأوهام لا يعرف حقيقتها سواه.
ايقول لها "لا استطيع الوفاء لك، حتى أراك، فقد مر الكثير من الوقت ولم القاك! ولكنني اعدك بالوفاء منذ لحظة لقاءنا الاولى!" اتصدق اذناه ما يقول لسانه؟ بعد ان كان يقول في العشق كلمات غير كل الكلمات؟ انهكت قواها وهي تسمع حديثه، و دخلت في دوامة من البكاء، وانهارت لوعة من اثر حديثه، ولكن في اعماقها تشعر بان كل ما يقول من نسج الخيال، عسى ان يدخلها في حيرة كما الحيرة التي يعيش فيها، وعسى ان يشعرها بوجوده، و بحب من حوله له، وكأنه يقول لها انه قوي رغم البعد، وانه لا يتألم من حبها المؤلم الذي ينبض في قلبه.
ان العائق الموجع ليس زواجه، فهي متزوجة، ولكن ما يؤلم خاطرها انه يعيش الحياة بكل ما فيها، وكأنه لا يراها او كأنها لا تعيش بين اضلعه، كما كان يدعي. يا لعينيها الهائمتين شجنا، من عشق يلوح في الجوى ألما، بين حب مقدر و حبيب غير منصف، فإن كان ما يقول كذبا، فليس له الحق بخداعها، بسبب شيء في نفسه، حتى وان كان اختبار لحبها، و حتى ان كان يريد ان ينصف نفسه فيجعلها في متاهة بين الغيرة و الحيرة، فيكون هدفه ان تشعر ما يشعر. وان بنى ما بينهما على خداع، فكيف تسامحه؟
تعاثر حتى تخرج من آلامها، ولكن الآلام في ازدياد، فكيف تصدق ان الروح لروحها لا تنتمي؟ وان القلب للقلب مخادع؟ ارسلت اليه تريد الفراق، ولكنها لأول مرة تتراجع في لحظة، و في نفسها نحيب موجع، وكأن روحها سكنت اليه، وكأن الروح للروح منزلا، فكيف الخلاص لروح وجدت بين الأرواح مسكنا؟ وكيف للروح ان تعيش شريدةً بلا مأوى؟
تريد العدول عن هذا الرابط القوي الذي يجمعها به، علّها لا تؤذي نفسها او تؤذيه، او تكون سببا في الفراق بينه وبين مولوده الذي ينتظره. حائرة هي والحيرة قاتلة، وكأن كل ما حدث كصفعة اعادتها للتأرجح بين الخوف والاسى، او كأنها جعلتها تعزف أنغاما بائسة على اوتار ذكراها الجميلة.
تعليقات
إرسال تعليق