حياة دوروثي المبكرة:
في ١٦ يناير من العام ١٩٠٤م، ولدت "دوروثي لويز ايدي" في بلدة ساحلية في لندن، لتبدأ حكايتها الغريبة عند سن الثالثة، بعد ان وقعت من على السلالم، و أغمي عليها، ثم استفاقت طالبة ممن حولها ان يعيدوها للمنزل، كما بدأ يظهر عليها سلوكيات مغايرة، مما وصفوها بالمريبة حينها. اصبحت دوروثي تتكلم لغة غريبة مع لغتها الام، مما سبب لها العديد من المشاكل والصراعات في حياتها المبكرة، بالاضافة الى استبعادها من المدرسة لانها قارنت الديانة المصرية القديمة "هيثن" بالديانة المسيحية، و رفضت تأدية ترنيمة تدعو الله إلى "لعنة المصريين". كانت تزعم مرارا ان موطنها مختلف فهو يحتوي على مبنى ضخم و أعمدة عالية، و حديقة مليئة بالفاكهة، وكانت تبدي اهتماما كبيرا بالحضارة المصرية القديمة. و عند بلوغها السابعة، اصطحبها والدها الى المتحف البريطاني، و فور وصولها وقع نظرها على صورة معبد الملك سيتي الاول، فصرخت:"هناك بيتي! أين الاشجار؟ اين الحدائق؟" ثم اتجهت نحو قاعة الغرفة المصرية، و اخذت تركض بين الناس و تقبل اقدام التماثيل. و بعد هذه الزيارة اصبحت تتردد على المتحف في كل فرصة تتاح لها.
هوس دوروثي بالفراعنة:
درست الهيروغليفية، و استمرت بدراسة كل ما يتعلق بمصر القديمة ولكن هوسها المفرط وسلوكياتها الغريبة، و ادعائها المستمر بأن الملك سيتي يزورها في المنام، ادى بها الى دخول المصحات النفسية لاكثر من مرة، ولكن الاطباء كانوا يقرون و يأكدون على سلامتها النفسية في كل زيارة لها، و كانوا يظنون ان ما تمر به هو عبارة عن هوس مراهقة و سيزول و يتلاشى بعد حين.
احلام عن حياتها سابقة:
تكررت الاحلام و الرؤى و تكررت زيارات الملك سيتي الاول اليها في المنام، بحسب قولها، واطلعت على الكثير من المشاهد التي تخص حياتها في المعبد، كحلم رات فيه انها مستلقية في حجرة كبيرة، مع مجموعة من الفتيات على حصائر من القش، فدخل عليهن رجل يحمل مصباحا بيده، ليتأكد من ان كل فتاة في مكانها، و حلم آخر كانت تستجوب فيه عن امر ما، و تضرب بشكل مبرح، لسبب جهلته وقتها.
ام سيتي:
و عندما اصبحت في سن السابعة والعشرون، عملت كرسامة كرتونية في احدى الصحف المصرية، حيث التقت بشخص يدعى "امام عبد المجيد"، و هو مصري الجنسية، والذي تزوجها فيما بعد و كان سببا في انتقالها الى مصر. و فور وصولها الى مصر، قبّلت الارض و قالت:" لقد وصلت الى المنزل!". ما لبثت دوروثي ايدي ان تأقلمت على حياتها ومحيطها في القاهرة، ثم انجبت طفلا اطلقت عليه اسم سيتي، تيمنا بالملك سيتي الأول، لتصبح أم سيتي.
قصة حياتها السابقة و التقمص:
كثرت الاحلام، واستمرت الرؤى المتتالية، حتى زارها "حور رع" و بدأ يقص عليها قصة حياتها السابقة بتأن شديد، و اخبرها بكل تفاصيلها على مدى اثني عشر شهرا، مما استغرق سبعين صفحة من النصوص الهيروغليفية المخطوطة، و كشف "حور رع" عن سبب ما يحصل معها، حيث اخبرها بأن والدها كان جنديا متواضعا في عصر الملك سيتي الاول، و اما والدتها فكانت بائعة خضار، و ان اسمها "بينتريشيث" ما يعني بالعربية "قيثارة الفرح ". توفيت والدتها عندما كانت في الثالثة من عمرها، فأودعها والدها في معبد كوم السلطان في ابيدوس، لانه لم يستطيع رعايتها. كبرت و ترعرعت في المعبد لتكون كاهنة، وفي عمر الثانية عشر، سألها الكاهن الاعلى، ان كانت تود الخروج الى العالم، او البقاء و التعهد بأن تبقى عذراء مكرسة للمعبد، فتعهدت بالبقاء في ظل غياب الوعي والادراك. و عند بلوغلها سن الرابع عشر وقعت عينا الملك سيتي الاول على الجميلة البيضاء ذات العينين الزرقاوين، و اعجب بها، اثناء زيارته للمعبد، فنشأت بينهما علاقة محرمة، نتج عنها حمل الشابة الصغيرة، مما عرضها للتحقيق والاستجواب، وليس ذلك فحسب بل تعرضت للتعذيب والضرب المبرح، فما كان منها الا ان اعترفت للكاهن الأعلى بذنبها، فأطلعها آنذاك ان خطيئة كهذه عقوبتها الموت، فخشيت من الفضيحة التي قد يتعرض لها الملك، و خافت من العقوبة، فانتحرت. استنتجت دوروثي و زوجها ان ما يحدث معها، ما هو الا حالة من حالات التقمص او تناسخ الارواح.
عمل دوروثي مع علماء الآثار:
طُلّقت دوروثي من زوجها لانه اراد السفر الى العراق، بينما هي تريد البقاء في مصر، ولا تريد ترك منزلها بعد ان عادت اليه. عملت مع علماء المصريات، وكنّوا لها الاحترام الفائق، و اثارت دهشتهم بمعلوماتها القيمة، ومعرفتها الواسعة بتفاصيل الحياة المصرية القديمة. قدمت الخدمات و عالجت الكثير من سكان المنطقة و ذلك لمعرفتها الضليعة في الطب القديم، مما اكسبها حب و احترام المحيطين. كانت تحترم جميع الديانات الاخرى، الا انها اعتمدت الديانه الوثني القديمة الخاصة بالحضارة المصرية الفرعونية، وأقدمت على تأدية الصلوات والعبادات والعروض القديمة، و اخذت تقضي ليلها امام الاهرامات و بالاخص الهرم الأكبر.
وصلت ام سيتي الى أبيدوس، حيث كان منزلها السابق، حيث شعرت بالامان و السلام لاول مرة في حياتها كما زعمت، وتوجهت الى المعبد الكبير، و هي على يقين بمعرفتها التامة بكل تفاصيل المنطقة. طلب منها كبير المفتشين من ادارة الآثار ان تقف امام لوحات جدارية لم يكن قد كشف عنها بعد في ظل عتمة داكنة وظلام دامس، كاختبار لها، فما كان منها الا ان حددت مكانها و طبيعة الرسومات و مضمونها، فذهل الحاضرون بما قالت، وكيف وصفت النقوش و كأنها تراها، فنجحت في الاختبار و اكملت مهمتها بنجاح تام.
مزاعم ام سيتي واكتشافاتها:
اكدت ام سيتي انها التقت بالملك الفرعوني لاول مرة في حديقة للمعبد، والتي حددت مكانها، فأقيمت الحفريات، حيث ادعت، لتؤكد نتيجة الحفر صحة وصدق مقولتها. تابعت عملها مع العلماء الذين ينسبون لها الفضل الاكبر في اكتشاف اغلب ما توصلوا له في ابيدوس. و عندما وصلت الى سن التقاعد انتقلت الى القاهرة، غير انها لم تكمل يوما واحدا، لتعود الى ابيدوس حيث الروح والقلب والسلام والامان، عادت لتكمل عملها مع علماء الآثار. و في يوم أحست بنوبة قلبية فقامت ببناء قبر لها، بنته تحت الارض، و حفرت عليه صلوات فرعونية، و زينته بباب كاذب، لتسهيل سفرها بعد موتها كما فعل أسلافها الفراعنة، ولانها تعلم علم اليقين انها لن تدفن في المدافن المسيحية ولا في المدافن الاسلامية.
موت ام سيتي:
توفيت ام سيتي بعد افادتها بكثير من المعلومات والتفاصيل المهمة عن مصر القديمة، الا ان السلطات المصرية لم تسمح بدفنها في القبر الذي انشأته، وذلك خشية ان تتعفن جثتها، لانها لم تحنط كمن سبقها من الفراعنة، لذلك دفنت في قبر لا يحمل علامات، في الصحراء خارج مقبرة قبطية...
تعليقات
إرسال تعليق