حبٌّ بلا صدى:
"ان الحب كان مختلفا معك" كتبت له هذه الكلمات وهي تبكي بحرقة وتنتظر على امل ان يتصل بها فتسمع صوته، ويفتح امامها ابواب الفرصة الجديدة. ان تختلف المشاعر والرغبات مع شخص يعني ان يكون له مكانة خاصة لا تعوض، مكانة لا تتغير ولا تتبدل رغم كل العوائق والغياب و الحرمان. إن الحب هو ان تجد حبيبا لروحك، تشعر بوجوده اينما كنت، تسمع كلماته دون ان يتفوه بها، وتعرف ماذا يكن لك من المشاعر دون حاجته للبوح عنها، تشتاقه وتعيش احاسيسا مرهفة جديدة لم تدركها قبلا. كتبت له تلك الكلمات وخلدت للنوم العليل ككل ليلة، ثم ما لبثت ان استيقظت على قرع بابها في ساعات الفجر الاولى، فهرعت للباب لتفتحه وقد تسارعت نبضات قلبها، حبيبها خلف الباب منتظرٌ، و بينما هي ممسكة بقبضة الباب ومقبلة على فتحه بلهفة مربكة، استيقظت مرة أخرى لتستنتج انه كان مجرد حلم، قسى عليها بمشاعر الشوق من جديد؛ يتردد هذا الحلم كثيرا وكثيرا وفي كل مرة كانت تظنه حقيقة، حتى تلفت أعصابها ونفذ صبرها وقررت ان تذهب للقياه من دون موعد مسبق، ولكنها لا تعرف اين تجده فهو كثير الانشغال، ماذا عليها تفعل؟ هل تنسى قولها له، وتسير خلف رغبات الشوق؟ هل سيرحب بوجودها؟ ام انها قد تشعر بالندم على هذه الخطوة! الكثير من المشاعر والتناقضات شعرت بها وهي تفكر بالذهاب إليه.
خائفة مشتتة، تريد ان تراه ولكن الكثير من الأسباب تقف حاجزا امامها، ودت لو يأتي ويطرق بابها ويغمرها بعشقه، فتكون أمام امرا واقعا بدلا من التردد الذي يحيط بها باستمرار. خوفها من الإقدام على مثل هذه الخطوة له الكثير من الاسباب، فالامر لن ينتهي لمجرد لقياه او قضاء بعض الوقت معه، انما الامر معقدُ، فهي تعرف ان شيئا سيتغير ولن يعود كما كان سابقا، وتعلم ان ارضاء الحب سيكون سببا في تلف حياة، وان حطمت العوائق فربما يدخل الندم لروحها. فهل هذا عدل؟ هل عدل ان تتلف حياةً لتعيش حبها؟ هل التضحية بنفسها، أم التضحية بالحب؟ ما العمل، ماذا تفعل؟ عليها بأخذ قرار والمضي فيه والتوقف عن العبث بحياتها وبمشاعرها الهشة. ربما لو تركت نفسها للحب لارتاح قلبها ورق حالها، ولكنها خائفة، خائفة من تضحية قد تكون سببا في تدمير بقايا روحها.
عليها التوقف عن السماح لروحها بالهيام في بحر عشقه فربما تستطيع اخذ قرار مناسب او غير مناسب، ففي كلا الحالتين هو قرار غير مرض إما لقلبها او لعقلها. فكيف لها ان تعيش بدون شخص يعيش بداخلها، يأسر روحها، تشعر بحبه في كل لحظة رغم عدم وجوده بقربها، و رغم قلة الأحاديث والرسائل وكثرة الغيابات الطويلة. اتخاذ مثل هذا القرار ليس بالامر السهل، فإما ان تستغل فرصة غيابه وتصنع لها حياة جديدة وتمضي بدونه، أو تذهب للقياه وتشد على يده ويكون اللقاء أبديا.
حائرة هي، والحيرة قاتلة، لم تعرف معنى لهذه التناقضات قبلا، أيفعل الحب كل هذا بقلب رقيق عاشق؟ تحبه بكل ما فيها و تعلم ان لا قوة لها بدونه، وتعلم انها لن تنساه، و انّ ما له من حب في قلبها لن يتكرر ، ولن يكون لمثله مكانا في قلب احد. إن الحب الحقيقي لا ينتهي، ولو كان لهذا الحب نهاية لانتهى منذ زمن. إنما لعشقهما حكاية مختلفة، فهو عشق بلا بداية، مبهم النهاية، حب يعيش على اوتار الامل الممنوع، لا يبصر نورا ولا يدرك ظلمة، حبٌّ بلا صدى. فهل ينتهي الحب دون عناق لتلك الأشواق؟ هل ينتهي قبل بدايته؟ قلب مكسور وأمل ضائع ، وقدرته على الغياب المتكرر ، كلها امور تعذبها، فكلمة منه كفيلة بتغيير واقع أليم تعيشه بين عقارب الثواني، منتظرة اشارة منه، تريده ان يؤكد على صدق حبه لها، كي يكون لها الشجاعة في اتخاذ القرار، فهذا القرار الصعب إما ان يكون فراق اخير بلا عودة او يكون لقاء للأبد، لقاء حب أبدي..