حب في مرفأ القلب:
إنه حب في مرفأ قلب قبطان قست عليه الاقدار، و حب أبديٌّ سكن قلب شابة حالمة، فجعل من احلامها الوردية كوابيسا من العشق. عشق لاح في افق الغرام حرمانا، و تأرجح بين الامواج عشقا محرما، مسجونا خلف قضبان القلب، عالقا بين اشواك الذكريات. لقد كان لقلبيهما فرصة عيش حب فريدٍ. حب عالق بين روحين تجتمعان خلف الافاق، تطفئان نارا أُضرمت بين الاضلع، نارا حرقت فؤادا هشا، وتركت نبضات بائسة، تنبض غير منتظمة، حائرةٌ محرومةٌ يائسة.
ان فراغا من الصمت حل على علاقتهما، صمت موحش كئيب، يطوي عشقا بين صفحات الحياة، و يرسم مفترق طرق في بداية درب الحب. فهل يتنازل أحدهما للآخر؟ أم يسيران في خطوات متباعدة في طريقين مختلفين؟
أرسلت روحها للمرة الاخيرة محمّلة بأشواق مضاعفة وكلمات مرتجفة، تتوسل اليه ان يبقى على حبها، وان يحاول الصبر على علاقتهما علّها تنجو من الاقدار التعيسة. لو كان لهذه الشابة القدرة على التمسك به، وخوض الايام معه وعيش دفء حبه، لما تركته وحيدا وما عزمت الفراق مرارا. ارسلت روحها الى امواج البحر، علّها تمن عليها و تحدثه عن عشق ينتظره في الافق، وتذكره بحبيبة ٍ تعيش على اوتار الخوف والحيرة، حبيبة لا تريد الحياة بدونه. ارسلتها على امل لقاء قريب، فهي مؤمنة بحبه، وتعلم انه يشعر بها، ويسمع كلماتها ويفهم لغة روحها الهائمة.
لأول مرة تعود روحها مكسورة من دون جواب، كأنه اختار ان يمضي وحيدا، و كأن الحب الذي بقلبه قد تلاشى. هل كان الجواب كثيرٌ على قلبها؟ هل حقا تلاشى الحب؟ ام انه سيعود مشتاقا متلهفا؟ حاولت الكتابة اليه، وسؤاله عن نهاية هذه القصة، ولكنها كانت في كل مرة تتردد في إرسال رسائلها، تخاف من قسوة كلماته، و تخاف من ردٍ قد يكون موجعا، فهي لن تتحمّل فكرة ان يكون قد صرف النظر عن قلبها، وحاول البدء بحياة خالية منها. ترضى بأن تبقى بين افق الغرام عالقة، على ان يطوي حبها في قلبه، و تدخل ابواب النسيان، فتغرق وحيدة في بحر غرامه.
يبدو ان النهاية أصبحت واضحة، يبدو انه اتخذ الفراق طريقا. لم تكن تعلم تلك الشابة ان النهاية قريبة لهذا الحد، لم تتوقع ابدا ان تفترق روحها عنه. أحبته كما لم يحب احد حبيبا، ارادت ان تعيش العمر معه، ارادت ان تشعر بإحتوائه لها، و ان تمسك يده وتتنفس عطره، ارادت ان تشعر بدفء مشاعره وتكون قريبة منه، فقربه هو كل ما تريد. ارادت ان تعيش له وبه، ولكن يبدو ان لهذا الرجل رأي آخر، فقد عزم الفراق ايضا وبدأ يكتب نهاية هذه القصة. لقد حدثتها روحها عن قراره بالرحيل غضبا منها، فباتت خائفة من مبادرة فاشلة تقوم بها بعد أن اثارت غضبه بمواجهته بالتقليل من شأنها. ان غضبه مفرط وقد لا يسامحها على فعلها، ولكنها على يقين بأنه يحمل في اعماقه قلبا رقيقا عطوفا، ورغم ذلك ما زالت خائفة من المحاولة، فهو لا يغفر الإساءة، و هي تخشى على كبريائها من خدش جديد يبقى عالقا من بقايا كلماته. هل تنتهي قصة العشق الكبير بسبب الخوف؟ أم يكون للقدر رأي آخر؟
باكية هي، والدموع منهمرةٌ من عينيها، ترى النهاية محتمّة. قلبه لم يفهم قلبها، ولم يشعر بألمها، كان يلومها على طول المسافة ولم يلتمس العذر لظروفها. فكيف يظن بها كظنون التلاعب والتهرب من لقياه؟ أعدلٌ ان يظن بها مثل هذا الظن بعد كل هذا الحب؟
أما الأنانية فكانت رفيقة لها وهي تغدق عليه حبا، تريده بقربها كي تريح قلبها، ولكن قربها يعذّب قلبه، فماذا تفعل؟ كل الطرق السليمة نهايتها الفراق، ولكنها دائما ما تختار طريق الشوك الوعر معه. فهل يبقى على وعده ويمشي معها؟ ام انه اتخذ طريقا خال من الشوك؟ هل بقي على حبها ام انه تخلى عنها قبل آخر نفس؟
يا لقسوة الزمان حين يجور على قلب عاشق، ويسلب منه أغلى ما يملك، يسلب حياة قلبه، و يتركه محطما معذبا بين الذكريات و بين واقعا لا يدركه، يعيش اسيرا للاحلام و الذكريات، ويكون في حيرة أهذه الذكريات تعينه على البقاء؟ أم انها قاسية تعيد ذكرى حب مضى؟ يا ليته يعلم ما له في القلب من عشق، ويا ليته يعلم مقدار الشوق في قلبها، ويا ليت لأنين القلب صدىً يصل الى مسامعه، ويعيد احياء الحب في مرفأ قلبه.
تعليقات
إرسال تعليق