ذاكرة الحب:
منزل في الخيال:
وقد يكون الحنين قاس، وقد تكون الذكريات بسيطة، الا أنها كافية لتبني في الخيال منزلا، منزلا يضم الاشجان ويختصر اللوعة بفيضٍ من الدموع. يشعر وكأن هذا المنزل يأخذه الى دفء عالم مختلفٍ، عالم يعيش في روحه، بعيد عن هذا العالم الكبير، يشعر وكأنه يسافر بين العشق والجوى، متألم حائر سعيد في آن، فهو يرى من يحب، ويتبادل الاشواق والمشاعر معه، ثم يعود للواقع، مع شعور ملحٍّ بأن لا مكان له في هذا الواقع المرير، وانه مستمع بين ذكرياته واشجانه، وأن له مكانا في الخيال، بالقرب مِن مَن يحب. تراه يعيش في هدوء موحشٍ، غير قادر على الكلام، والحديث، لا يستطيع نطق الكلمات او الحروف، تنظر اليه لتجد بين رموشه حكايات عن خيال بات اجمل من الواقع، خيالا سلب منه الحياة، وأصبح لا يريد سوى الهروب الى ذلك المنزل في تلك الجنة المليئة بالعشق، وان يهيم في الخيال اشواقا، حيث يصبح الكلام جميل، ويصبح الهدوء يضج بالحنين والأمل.
ومع كل هذا الحب، ومع كل هذا العذاب، ومع كل هذا الصبر على الأشواق، هل يصح أن يزعج من يحب، فيخبره بحبه وألمه؟ وهل يجب أن يعلمه بما بناه له في الخيال؟ أم قد يذهب ما بناه هباءا، فيكون غير مكترث، لما له من مكانة، أم انه اتخذ منزلا آخرا مع حبيب مختلف؟ أو أن مثل هذا الكلام قد يكون بمثابة دعابة بالنسبة لقلبه، وقد لا يمر الحب بخاطره على محمل الجد..
منزلا بين الذكريات:
يقال ان الارواح تشعر بألم ارواحٍ تحبها، فهل حقا ما يقال؟ وهل تعلم الروح بلوعة تلك الاشواق؟ وهل تزور منزل العشق في جنة الخيال؟ أم أن لغة الأرواح لا يفهمها سوى قلب معذب؟ قلب آمن أن حبيبه يسمع نداء روحه، قلب يشعر بأن من يحب يحبه ايضا، فبنى له في الخيال منزلا، على امل ان تألف الروح روح حبيبها، فإن عشق الروح ليس مثله عشق، إنه العشق الذي يندرج تحت مسمى الحب الحقيقي، الحب الذي يزداد مع الأسى، ويكبر رغم ما يمر من زمن، وما يخوض من نوائبٍ، بنى المنزل بين الذكريات منتظراً على أمل أن يبقى مأهولا ولا يهجر ابدا...
تعليقات
إرسال تعليق