ثلاثة خنازير صغار:

 كان يا ما كان في قديم الزمان، كان هناك ثلاثة أصدقاء من الخنازير الصغار الذين يعيشون بسلام في وسط غابة تكسوها الاشجار، يقضون أوقاتهم في اللعب والأكل والتسلية، حتى سمعوا ذات يوم عن ذئب شرير يفترس الخنازير، فدبّ الرعب في نفوسهم، فقرر كل واحد منهم بناء منزل للاختباء فيه من بطش الذئب الماكر.

في اليوم الأول، خرجوا الخنازير الثلاثة وبدأ كل خنزير بالعمل على بناء منزله، أما الأول فقد كان يبني بيتا من القش، فقالوا له اصدقائه: "ان هذا المنزل سيقع حتما، ولن يحميك ابدا من الذئب، بل سيدمره من نفخة واحدة"، ولكنه لم يكترث لما يقولان له، وانهى عمله ودخل الى البيت ليستريح. أما الخنزير الثاني، فقد استمر بالعمل على منزله الخشبي، وقد كان سعيدا فخورا بما أنجز، ولكن الخنزير الثالث قال له: "ان بيتك الخشبي جميل، ولكن الذئب سيدمره عاجلا أم آجلا" ولكنه ايضا لم يعطي اهمية لكلام صديقه، ودخل منزله ليكمل ترتيبه من الداخل، أما الخنزير الثالث فقد استمر بالعمل لوقت طويل، بينما كانا صديقيه يلعبان ويلهوان، كان هو يثابر على بناء بيته الذي بناه من الحجارة، مرت أياما كثيرة حتى انجز عمله وكان سعيدا جدا بهذا البيت للحجري المتين، و رغم انه اخذ من وقته الكثير، ورغم انه لم يتمكن من اللهو مع أصدقائه كل تلك الفترة، الا انه فخور جدا بعمله. 

وبعد ان استراح الخنزير الثالث، خرجوا الاصدقاء من جديد للعب في الغابة، بالقرب من منازلهم، واخذوا يركضون و يضحكون حتى  سمعوا خطوات الذئب تقترب منهم، فركض كل منهم الى يته ليحتمي به، فدخل الاول الى منزله الذي بناه مستخدما القش، اما الثاني فدخل الى منزله الخشبي وأحكم اغلاق الباب، واما الخنزير الاخير، فهرع الى بيته الحجري. طرق الخنزير باب البيت المصنوع من القش، بيت الخنزير الاول، وقال له: 

-افتح ايها الخنزير الصغير، ودعني ادخل لألعب معك!

-كلا، لن افتح ابدا.

كان الخنزير الصغير يرتجف خوفا، وكان الذئب يبحث عن طريقة للدخول للبيت، ولكنه قرر في النهاية ان يحطم البيت بالنفخ عليه، ثم يدخل ليفترس الخنزير الصغير و يأكله، فأخذ نفسا عميقا، ثم نفخ على بيت القش، فتناثر القش، و وجد الخنزير نفسه بلا مأوى، والذئب يضحك ضحكة مخيفة "ها ها ها"، يضحك بصوت عال و عيناه يملؤها الشر والجوع، فأسرع الخنزير الصغير إلى صديقه المجاور حيث البيت الخشبي، فطرق الباب و قال: "افتح الباب، افتح الباب" فعرف صوته و فتح له بسرعه، فدخل الخنزير و اغلقا الباب. لحق الذئب بالخنزير ولكنه أفلت منه و دخل المنزل الخشبي، فوقف نحو الباب وقال: افتحا لي أيها الخنزيرين الصغيرين، اريد اللهو معكما"، غير انهما يعلمان بمكره، وخداعه فقال له الخنزير الثاني: " اذهب ايها الشرير لن نفتح الباب لك!" غضب الذئب، و من جديد أخذ نفسا عميقا، و في عينيه يكمن الغضب و المراوغة، ثم نفخ على البيت الخشبي نفخة اولى، فلم يحدث شيء، ولم يتحطم المنزل، ولكنه عاد واخذ نفسا اطول من الاول، ونفخ من جديد على البيت حتى تحطم البيت، و تبعثر الخشب، فهرع الخنزيرين الصغيرين الى صديقهم الثالث، ففتح لهم و أدخلهم وجلسوا في رعب مريب، مذعورين من الذئب.

لم يبقى لهم ملجأ سوى البيت الحجري، فإن تحطم سيفترسهم الذئب، فجلس واحد خلف الكرسي مختبأً، وجلس الآخر بالقرب من النافذة يراقب الذئب، وجلس الثالث يحاول إضرام نار المدفأة الحطبية،  تحسبا لأي طارئ. و من جديد قال الذئب: 

-دعوني ادخل يا اصدقائي الخنازير.

-اذهب ايها الذئب، لن ندخلك ابدا.

-انني لا انوي بكم شرا.

-انك مخادع كاذب، اذهب من هنا!

فغضب الذئب واخذ نفسا عميقا، ونفخ على البيت، ولكنه لم يقع، فحاول من جديد ولكن البيت متين قوي، وحاول مرارا و مرارا، الا انه لم يستطع تحطيمه، فأخذ يبحث عن طريقة للدخول، و مشى حول البيت يبحث و يبحث، حتى وجد مدخنة المدفأة،  فصعد الى سطح المنزل متصلقا، حتى وصل للمدخنة، ودخل فيها محاولا ان ينزل الى الخنازير الصغار ويفاجئهم بذكائه ودهائه، وما ان وصل إليهم حتى اشتعلت نيران المدفأة، و حرقت ذيله الطويل، فخرج مسرعا من المدفأة وهرب خارج الغابة، ولم يعد ابدا.

المغزى من القصة:

وعادوا الخنازير الثلاثة، لعيشوا حياتهم بسلام،  وكان لهم درسا من هذه الحادثة، وهو ان الصبر على العمل وإتقانه والمثابرة عليه ينتج عنه عملا حسنا قيّما، وبالطبع يكون خيرا من عمل ينجز سريعا، ولا نفع فيه.