على مسرح الحياة:
فتحت خزانة الملابس الخاصة بها فلم تجد ما يناسب موعدها الاول مع حبيبها، فتذكرت الأسباب التي كانت سببا في عدولها عن قناعتها بزوجها، فهو لا يسمح لها بشراء ما يروق لها من الملابس و مستحضرات التجميل والاشياء الاخرى التي تحتاجها، كما جعلها اسيرة وحيدة طوال الليل والنهار، بالاضافة الى اموال لها كانت قد وضعتها أمانة عنده، فما كان من هذا الزوج الاناني إلا أن منعها من استردادها، والكثير الكثير من حقوقها التي تناساها، وتغاضى عنها.
إن أكثر ما يحزن خاطرها هو ظلمه لها بالرغم من معرفته بما خاضت من معارك حتى وصلت لما هي عليه الآن، و حرمانه لها من كل ما تحب وتتمنى، و محاولاته المستمرة لإلغاء وجودها. هي ترجّح ان تصرفاته دليل واضح على أنه يعاني من مشاكل نفسية فكل ما يريده هو إرضاء شجعه الشرقي، رغم ادّعائه بحبّه لها، و رغم وعوده الكاذبة بأن يكون لها سندا و عوضا جميلا.
دمعت عيناها حزنا لما مرّ بخاطرها عن زوجها، فقد خيّب الكثير من آمالها، و وضعها موضع الخائنة، ولكن لم يكن هو المُلام الوحيد في هذه الحكاية؟ أليس لها لها من الاقارب مَن يهتم لأمرها واو يكترث لسعادتها؟ لو كان لها احد من الخلق لما تحملت وقاست وحيدة، مسلوبة الامل، لو كان لها من يسأل عن احوالها لما عاثرت الى هذا الحد، و لما وُضعت موضع الخائنة في مجتمع لا يرحم.
عادت بالذكريات الى طفولتها، الى ايام الحرمان الاولى، الى ايام الشقاء التعبة، الى الطفولة المسلوبة والشباب الضائع، الى ايام قد هربت منها لقساوتها، الى اسباب وجودها في هذا المنزل. تنهدت بحسرة، وتمنّت لو تعود للشقاء والحزن المرير، عسى أن لا تكون موضع الزوجة الكاذبة التي لا تؤتمن، وعلّها لم تكن لتعيش كل هذه المعاناة والتناقضات.
وبينما هي شريدة تفكر، وتبكي حسرة على نفسها، وعلى شبابها، دخل زوجها الغرفة وجلس الى جانبها، ثم قال:
-ألا نجعل لكل ما بيننا حل؟
-هل ما زلت تذكر انك متزوج؟
-الم تطلبي منّي ذات يوم ان لا اقترب منك؟
-نعم، لقد كان ذلك منذ سنتين، منذ أن طالبتك بحقي من المال والتسلية والاهتمام وغيرها، ولم تجب مطلبي، منذ ان قلت لي ان كل حقوقي هو ان تطعمني وتسقيني!
-حسنا، انا آسف، سأعوضك عن كل ما فعلت!
-رغم كرهي الشديد لك، الا ان شيئا لن يعود كما كان، لا استطيع خداعك، لقد تغير الكثير منذ سنتين حتى الآن.
-ما الذي تغير!
-الكثير من الاشياء التي لا تُحكى، ولكنّي اعدك ان نهاية زواجنا قد اقتربت، ولن اطيل ازعاجك بوجودي هنا.
-هل نكمل طريقنا حيث توقفنا؟ ارجوك!
-ارجوك يكفي ما نحن به الان، لقد كنا مجرد غريبين لسنتين وتعاهدنا على البقاء على زواج مزيف لأجل صغيرنا.
-وهل طفلنا هو كل ما يجعلك تصبرين علي؟
-بالطبع! انني اعمل على أمر مهم، وبعدها لكي سوف آخذ طفلي بعيدا عن كل من جعلني أعاني في حياتي.
-انا لن اتخلّى عنكما، مهما كلّفني الامر.
-كم تأخرت! صدقني انني لا استطيع ان اغفر لك ما فعلت بي!
-ستغفرين!
كم من الغريب ان تعيش مع شخص في منزل واحد، و لا يعطي لوجودك اهتماما، وينسى الود و الايام الجميلة، ويتغير عليك ليصبح شخصا آخر، كأنك خدعت فيه، او كأنه كان يلبس قناعا اسودا كي يخفي وجهه الحقيقي، وكم من المؤسف ان يتبعثر الامان من بين احضان عائلتك الصغيرة، وكل هذا كي يسير خلف أشباه من الرجال، الرجال الذين يقضون أوقاتهم في الخروج و السهر مع اصدقائهم ويتناسون أن لزوجاتهم الحق بالحياة والتسلية، كما لهن الحق بالكثير مما يجهلون، ولكن عن اي حقوق نتكلم، عن حقوق اجتمع على مخالفتها جميع الرجال من حولنا؟ كيف نطالب بحق يمكث بين أنياب الجهلة الذين يدّعون الانصاف والرجولة.
دخلت في دوامة من الاحباط، فكم كان جميلا ان تربي ابنها في عائلة مستقرة، ولكن ماذا الان؟ ماذا سيحدث لهذا الطفل الصغير؟ ايشعر بالندم على ما فعل بها؟ وما الفائدة؟ لقد تأخر كثيرا، فإن احدا قد ملك قلبها، وانها لن تسير معه فوق الاكاذيب.
اما عن حبيبها، فقد ارسل اليها رسالة قائلا:
-لقد مرّ يومان ولم نتحدث، اعلم انك تظنين بي الكثير، ولكّني حقا احبك، واشتاق اليك، و اتوق لسماع صوتك، ولكنك تعلمين صعوبة العمل في هذا الطقس البارد، وان عملي يشغل كل وقتي، ومع هذا اريد ان اذكرك بحبي الشديد لك!
👉رجوع - المزيد 👈
تعليقات
إرسال تعليق