عشق منذ الأزل:
وفجأة خرجت من عزلتها و حدثته وكأنها لم تحزن يوما، وكأن طاقتها تبدلت وتغيرت، وكأنها تريد قربه ولا تريد غير ذلك، تشعر براحة مفرطة، وسعادة غامرة، ما السبب؟ ما الذي يجعلها في تقلبات كهذه التقلبات؟
هذه المرة شعرت بأنها حقا سعيدة، وأن شيئا ما بدأ يكتمل، بدأت حياتها العملية تتغير، وعادت لدرب الحب حيث ينتظرها حبيبها، ذلك الحب الذي لم تعرف غيره في حياتها.
وأخذ فضولها يحثها على البحث عن سبب التغيرات في نفسها والتعب الشديد المؤلم الذي انهكها حتى كانت النتيجة بما يسمي توام الشعلة، اي نها تملك نصف روح ذلك الغامض المتناقض. في البداية لم تصدق ان كل ما يكتب في قصص الخيال حقيقة، وإن في هذه الحياة حبا غير مشروط، فعادت بذكراها لاول حديث بينهما، وأول لقاء لروحها بروحه، ثم عادت لكل الاحداث التي مرت، و اخذت تتذكر كل الأحاديث بينهما، وكل حكاياتها عنه، حكايات الروح مع الروح والقلب مع القلب، وتذكرت انها لطالما شعرت بوجوده بقربها، ولطالما رأته في الاحلام و لطالما تخاطرت معه وشعرت بكل ما يفكر فيه، ثم قالت في نفسها:
"كم ظننت ان الحب يتبدل مع الايام، غير ان حبي له كان يزداد رغم الفراق، لطالما بقيت وفية لحبه، وبقي قلبي لاجله ينبض، وبقيت الروح في الآفاق تلوح، وظل في خاطري يسكن حتى اتخذ خاطري منزلا، فأي حب هذا ان لم يكن حب قدري متوارث".
ان الذي جعلها متأكدة من فكرة أنهما توأم كوني، هو العوائق الكثيرة، والاختلافات المتعددة، و ذكرها المستمر في حكاياتها وفي ذهنها، انها تحاول الهرب منه باستمرار، مما يعني أنها التوأم الهارب، أما هو التوأم المطارد، اذا فهذه العلاقة بلا شك علاقة توأم شعلة، وانهما تعافا، واكبر دليل على الشفاء هو تغير طاقتها بعد عزلتها وانقطاعها عنه و الاكتئاب الحاد الذي مرت به منذ ان ذهب في رحلته الأخيرة حيث تشافى هو ايضا اثناء عمله، و استمر عذابها وشقاؤها حتى خرجت من هذه العزلة او الصحوة الروحية متعافية من كل الطاقات السلبية، وقد استقبلها بحب كبير وكأنه كان بانتظار ان تشفى ليكون بجانبها، والآن وبعد ان ادركا ان ما بينهما قدري، وان لقائهما لم يكن صدفة، بل هو ترتيب كوني، أنعم عليهما بالاتحاد، والآن وبعد ان علما الحقيقة حان وقت اللقاء، حان وقت الدخول في دوامة من العشق والشغف، والمضي في مسار مختلف يكون مليء بالعشق.
ان هذا النوع من الحب ذو رسالة كونية تعود بإيجابيات كثيرة على الكون، و هو أعلى مراتب الحب و اسماها الا انه اصعبها، فكم حدثتنا هذه الشابة عن حبها السرمدي الذي لا بداية له ولا نهاية، وكم اشارت الى ان روحها تهيم في الآفاق بقربه وكأنه حياة لها، وكم سردت لنا من الاحلام و اطلعتنا على رسائل الارواح، وكم اشادت باختلاف الحب في قلبها ولكن ظن الكثير أنه حب عابر، او انها تعبث في مصير من حولها، ولم يشعر احد ما في قلبها من جوى ولم يدرك احد ان هذا اللقاء مقدر منذ الازل، فكم من مرة بكت قلبها لوعة على هول العوائق بينهما، ورغم ذلك يبقى هذا الحب كالخيال، لا تصفه الكلمات، يكاد يهيأ لمن عايشه انه لم يعش حبا من قبل. شعور جميل يغمر قلبها، و طاقة متجددة تجري بداخلها، وكأنها لم تعد تريد سوى اللقاء بنصف روحها، فإن اكثر الحقائق روعة هو انهما روحا واحدة تعيش في جسدين، وعسى ان يكملا الحب بشغف وسعادة، وعسى ان تجمعهما الاقدار وان يكونا للكون طاقة خير وحب.
تعليقات
إرسال تعليق