تائهة في الظلام:
ها هي من جديد اسيرة للأحزان و اليأس، وكأنها مكبلة اليدين عاجزة، و الاسى في عينيها ظاهر، فقد عز على نفسها قوله لها: "يبدو انك مريضة نفسية، انا لم اقل اي من ذاك الكلام، انا لم اقل ان زوجتي تعلم بحبنا!"، فماذا بعد هذا الكلام،ماذا يخفي خلف قناع الحب من ألاعيب لم يبدي بها بعد؟ ايريد منها ان تنكر قوله؟
اما الآن، لم يعد يهمها الحقيقة، فهي لن تغيّر شيئا من الواقع الاليم، الواقع الذي بُني على الاوهام والخداع، فمهما كانت نواياه بريئة في تلك الحقيقة المبهمة، الا ان ما عاشته من لوعة لن يعوّض ابدا، و رغم يقينها بأنه ليس متزوج اصلا، الا انه وان كان صادقا، وان كان متزوجا حقا، فلم يدّعي انه لا يحب زوجته؟ ولم يقول انها تعرف بأنه يعيش علاقة حب اخرى؟ ولم يقرر انجاب طفل في ظل حياة مهددة بالفشل؟ لم يعرض عن أقواله، وينفي ما بدر منه من كلام؟؟ اكل هذا لانه اراد التلاعب بها؟ ام انه حاول اثبات حبه المخادع؟ ام انه غير متزوج اصلا؟
ما الدافع خلف كل هذه الأكاذيب؟ اهو الحب؟ ام استغلال للمشاعر؟ ايعقل ان تفيض الاحاسيس يوما لشخص غير مبال؟ لم يعد بداخلها اي اندفاع للحياة، لقد ماتت كل العواطف التي احياها بداخلها، تريد الهروب من نفسها، تريد ان تنسى انها عرفته يوما، يسود قلبها شعور بأنه خان ثقتها، وجعلها وسط دوامة من الاكاذيب، فلا هي بمدركة للحقيقة، ولا هو بالصدق ينطق. تشعر وكأنها تائهة في الظلام، في باحة يحدها الخوف، تحاول العبور الى النور، ولكنها تصطدم في جدران من الأشجان والاسى. لقد تسبب لها في اذى كبير، وتلاعب بقلبها الى حد المكر، او على الاقل هذا ما تظن به، غير ان قلبها يحدثها، بأنه يريد قربها، وانه لم يقصد ايذائها او خدش مشاعرها، الا ان ما حدث خارج عن إرادته، واي كلام تصدق؟ اكلام قلبها الطيب البريء؟ ام عقلها القاسي الذي يحمل وعودا من أحقاد؟
كم تود نسيان كل ما حدث معها، وكأنها نادمة على مشاعر أنهكتها بحب شخص يراها مريضة تحتاج للعلاج، أهذا هو الحب الذي كان يعدها به طوال هذا الوقت؟ اهو سعيد الآن؟ اهذا ما يريد؟ وكيف تكمل حياتها بعد كل ما جرى وكأن شيئا لم يكن؟ وكيف تتعايش مع ذنب حال بينها وبين نقائها؟ وكيف تغفر لنفسها خطيئة كهذه؟! اسئلة كثيرة تلوح في ذهنها، وعتاب يجول في خاطرها، عتاب له، وعتاب لنفسها، لروحها التي خاضت بالاكاذيب دموعا، بسبب جهلها بتلاعب من ظنت به حبا، عتاب لقلبها الذي تعلّق بسراب موحش، اهذا عقاب، ام انها سخرية دهر من قلب غلبت عليه الطيبة المفرطة.
هل يمكن للمرء العدول عن زلاته، والعودة حيث بدأت بريئة نقية مرهفة، فلا تسمع صوت ضميرها، ولا تبكي ظلم احد لها؟ ان اكثر ما خافت منه منذ البداية، قد عاشته اليوم، فلطالما اتخذت الهروب والفراق سبيلا، كي لا يتم استغلال حبها، الا انها وقعت في فخ العشق المزيف، ما جعلها تخوض من الاحزان اشدها. ورغم كل ذلك، ما زالت تشعر بحبه، بروحه الى جانبها، مازالت روحها تهيم بالقرب من روحه تطمئن عليه، ثم تعود الى دوامة الاشجان، وحيدة حائرة متألمة. كل ما ارادته معه هو الاحتواء والامان، والشعور بالطمأنينة بقربه، غير انه لم يقدم لها سوى الخوف والقلق، ومشاعر اليأس والالم، اما الآن فكل ما تريده هو معرفة الحقيقة كاملة، ثم المضي في طريقها وحدها، دون حبه المتناقض، دون الروح التي عشقت روحها، ودون عشق يلوح في الآفاق، وبلا امل يتلاشى في كل مرة تكاد تدركه بها.
تعليقات
إرسال تعليق