دقيقة صمت:
وكم من مرة تسير بين الناس كالغريب، و تعيش و كأنك غير موجود، وكأن لا احد يراك او يسمع صوتك، لا احد يشعر بوجودك، وكأنك نكرة، فان اراد احد قربك، اراده محاولا استغلالك، محاولا هدم اجمل ما فيك، غالبا تجد نفسك غارقا بين الأكاذيب والألاعيب، و تظن بمن حولك صدقا، و تظن بهم نقاءا، فلا تفترض بهم سوءا، وان شككت يوما بنواياهم، تعرض عن اقاويل حدسك، و تحاول افتراض حسن النية، و تنسى ان تحتاط منهم، فتقع متعثرا بين المكائد و الخيبات، حينها تشعر انك بحاجة الى وقفة، كأن تقف عقارب الساعة مدة كافية لفهم ما يحدث حولك، او للنظر مطولا على واقع اشبه بالكوابيس، او كدقيقة صمت على كل ما جرى في حياتك، و لتكتفي بالحزن على كونك هش رقيق، تؤثر فيك الكلمات و تؤذيك الواقف، ولتجد اجوبة على ما يدور في ذهنك، و لتسأل نفسك، هل اصبح الصدق مغيّبا عن العالم؟ ام ان السلام غير موجود سوى في الخيال؟ و كيف يستطيع المرء ان يكون بهذا الخبث و الدهاء، مرتديا قناع الاخلاق؟ اخلقنا لنعبث في مشاعر الآخرين، ام لنا رسالة خير نؤدّيها؟
عالم موحش:
و يحدث ان تتمنى الكلام، و الحديث عما يقلق قلبك، و لكن من يهمه امرك؟ و من يريد سماع من الاخبار احزنها؟ هل تنتظر ان يدعمك احد؟ علّك تعلم ان الجميع يترقب زلاتك، او ربما هناك من ينتظر ان يدفعك للسقوط ثم يدعي انك ضللت الطريق فوقعت. احيانا لا يكون الخير سوى في اعتزال من حولك، فربما الوحدة ليست بهذا السوء، فكلما خرجت للحياة، ترى العالم موحش، مليء بالظلام، حتى تشعر بأنك لا تنتمي لهذا الكوكب الذي يسوده السواد، ويتغذى على الاحقاد، و تدرك في لحظة مريرة ان نواياك الحسنة لا تتماشى مع هذا العالم الكبير، او يجب ان اقول انه عالم خبيث، يجمع من الشرور ما يجمع، فتختلف طرق الظلمات، و ينفرد طريق السلام و الخير، فهو طريق يبدأ من داخلك الطاهر، ليس له شان بزلاتك او اخطائك، بل هو مرتبط بنواياك، فالنوايا الحسنة خير دليل على صفاء روحك ونور قلبك، فإن وقعت مرة في فخ المكائد، ولم ترد الاساءة بالإساءة، وان اخطأت في الاختيار، ثم سمعت احدهم ينعتك بالغباء، فلا يعني ان ما يقال صحيح او انك حقا مذنب غبي، بل يعني انك نقي، لا شرور بداخلك، تصدق من حولك، و تثق بمن تحب، غير انهم لا يستحقون نقائك، ولا جمال روحك.
نوايا:
نعم، يحدث ان ينعتك احدهم بالغباء، الكلام الجارح، فقط لكونك مسالم، لا تحمل احقادا، ولا تعرف لسوء النية طريق، تعرض عن الكذب، و تبحث عن الحب، ولكنك دائما ما تصطدم بجدران من الخبث و الاكاذيب، لا بأس، فإن كل فاعل سيلقى ما فعل، او على الاقل سيعلم حجم الاساءة التي تسبب بها في قلب ابيض، فحطمه و أذله، و ربما سيكون الندم له صاحبا، و يتمنى لو لم يتخذ الشر طريقا.
مواقف:
ربما من آذاك لم يكن بقاصد، او متوعد لهذا الأذى، فليس كل خطّاء يحمل على محمل التلاعب، ولكن يمكن ان تكون المواقف قد حملته على الاذية دون سابق اصرار مسبق، وربما شخص آذاك ثم لام نفسه، وجاء نادما، و المخطئ مهما كان دائما يمكنه اصلاح خطأه، او على الاقل الاعتذار على ما بدر منه، اما من يزداد سوءا، و يحاول الاختباء خلف قناع الخير، فهو انسان عديم الانسانية لا يستحق من الفرص اي فرصة أخرى.
تعليقات
إرسال تعليق