نهاية وشيكة:
باتت تعيش في حالة غريبة وكأنها في معزل عن الحياة، وكأنها تحاول قمع مشاعرها، وكأن تلك الصدمات المتتالية جعلتها تدخل في دوامة من اللاشعور، لا تعلم ان كانت سعيدة او حزينة، ان ارادت ان تمضي قدما او تعود للخلف، لقد ادركت للحظة ان مرحلة التسليم صعبة، و ان تصبح مطاردا بعد ان كنت هاربا ليس بالامر السهل، و كم يشاع ان الهارب يتألم اكثر من توأمه، اما هي فقد بدأت كهارب و تعذبت و تألمت دون علم منها انها توام هارب او انها توام شعلة، ثم مرت في مرحلة التسليم فاصبحت مطاردة و اصبح الوضع يزداد سوءا، فإن عذابها الاول اقتصر على الحيرة والحب و والحرمان والضياع، اما الآن فهي تقف عند مفترق طرق، تحاول التركيز في عملها، و تحاول تخطيه ونسيانه، و تعد نفسها مرارا ان لا تعود لحبه، ولكنه يسكن الفؤاد، حيث اتخذه منزلا لروحه، فأيهما اصعب ان تحتار في فهم ذاتك، و ان تعيم في عشق روحك، ام تدرك حبك و تعلم ان لك بين الافاق روحا هائمة ولا تستطيع ادراكها؟
لم تعد كما كانت، الكثير تغير، داخلها تغير كثيرا، فكم خاضت من معارك وصراعات، وكم ضجت روحها بالآلام و كم عانت من الاشجان، و هول العذاب،وكأنها شهدت حربا مع روحها أشد بأسا من حرب يسفك فيها الدماء، و تموت بها الاجساد، و رغم كل ذلك لم تبح يوما بجراحها، ولم تظهر ضعفها او وهنها، بل اكتفت بالسؤال عن نهايتها، احساس غريب يدفعها للشعور بأن شيء سيحصل لها، وكأنها كارما تعود عليها كما عادت عليه، لا تدري لما هذا الشعور، هل ستدفع ثمن خيانتها؟ ام ان الكون سينصف حبا كان مقدرا بتدبير منه؟
مرت الايام و هي تراه في الاحلام، تشعر بروحه معها، و لكنها تراه مشتتا تعبا، يحاول ان يقول شيئا، غير انها لم تفهم رسائله في البداية، ظنت ان مكروها اصابه، ولكن كبريائها حملها على التجلد و عدم الحديث اليه. هي متأكدة من انه يحاول جاهدا اخبارها بأمر ما، حتى جاء طيفه منذرا بين الظلمات، و قد قال لها في المنام: "ان روحك تطاردني، لا حياة لي بلا حبك، اشعر انني على حافة الجنون!"، استيقظت مذعورة خائفة، كالعادة كاد الحلم يكون حقيقيا، و قد ملأه الغموض و القلق، و خيم عليه شبح الخوف، وكأنه يخبرها ان نهايتها وشيكة و ان روحها ستتبعه، وتعيش معه، الى ان ينهار و يدخل في صراعات تكتب نهايتة المحتمة.
غشي الخوف على قلبها، فلم ترى حلما الا وتحقق، ولم يراودها شعور الا وقد كان حقا، فهل اقتربت النهاية؟ وهل هي نهاية الحب ام نهايتها؟ ايحاول انذارها بامر ما؟ ام انه تاق شوقا لحبها؟ فبات معذبا حين جارت عليه روحه و هامت في الآفاق عشقا مع نصف روحها؟ هل يذكر انه من عرفها منذ البداية، و اشار الى انها تنتمي روحه؟ هل يعي ان الارواح تلتقي في المجهول رغم المسافات، وان وعد الارواح لا يموت وان مر الزمان، و تغيرت الاحوال، و هل يعلم ان نهاية احدهما لا تعني نهاية الحب، بل ستبقى النفس للنفس نفسا، و ستبقى الروح للروح منزلا، يلجأ اليه الواحد منهما كلما عصف به الشوق لنفسه البعيدة، لنصف القلب، ونصف الروح، فإن مثل هذا الحب مقدر، تلوح الروح هائمة باحثة عن نصف روحها منذ الأزل، حتى يأتي يوما فتجدها في جسد آخر، فتألفه و تحبه، وينبض القلب لاجله، و تمر بمراحل كثيرة وتغيرات مستمرة، و تتعرف على نوع جديد من العشق، حتى تشعر بالاكتمال، وبوجود روحٍ الى جانبها، و تشعر كانها تعيش في جسد آخر، وبشغف في القلب غير مألوف، وبعشق وان غاب لا يموت، بل يحيا و يزداد لتتعايش معه و تجعل منه قوة، لتصبر على ما تبقى من الايام، و ان غاب الجسد عن الحياة و لم يعد موجودا، تبقى الروح تلوح في الافاق مع نصف روحها المعذبة.
تعليقات
إرسال تعليق