:كلمات من ورق
السعادة تغمر قلبها والامل بدأ يبصر طريقه اليها، تحلم باللحظة التي تلقاه فيها وتطفئ نار قلبها بنظرة الى عينيه الجميلتين، ولكن دائما ما تكون فرحتها غير مكتملة فثمة شيء قد تغير في هذا الحب، لقد أصبح ساكنا لا يُسمع له صدىً، ما الجديد؟ لم هذا السكوت المخيف؟ أهذا نذير فراق جديد؟ أم أنّ شيئا بدأ يأخذ حيّزا في علاقتهما؟ أين غابت الكلمات واللهفة المحمّلة بالاشواق؟ هل كانت الكلمات من ورق؟ أم أنها مكتوبة على هامش قلبه؟ أم ان اشواقه هشة متكسرة؟ هل ادّعى الحب ام أن سببا وراء غيابه المتقطع المبهم؟
ها قد تراجعت من جديد عن فكرة السير معه وقررت ان تمشي وحيدة في طريق موحش، و قررت أن تلملم قلبها المحطم، وان تعاهد نفسها بعدم الالتفات للوراء، والثبات أمام عينيه وعدم العودة لقراءة كلماته الهشة، و من جديد حاولت الاختفاء والعدول عن الظهور بحياته، ظنّا منها انه لم يعد يحبها.
التفكير المفرط والتسرع باصدار الاحكام امر مؤسف وغير عادل، فلم تلك الاحكام؟ هل سبب خوفها هو مسلسل الانفصالات والنحيب المتكرر؟ أم أن شيئا يدور في ذهنها، ربما أثر كلمة جارحة قالها في غير موضعها مازالت تؤلم كبريائها، و لكن رغم شرود الكبرياء الموجع في نفسها، الا ان لهذا الرجل مكانة عزيزة في قلبها ورغم أنها تحاول الهروب والانطواء ولكنها تريد اللجوء إليه والتخلص من حملها الثقيل باحتضان قلبه.
أفكارٌ كثيرة مبعثرة عبثت في ذهنها بينما كانت تهمّ بالفرار، وفجأة وبعد الكثير من التفكير تذكرت سهوا قوله لها " سأبقى محبا لك لآخر نفس" ، فرقّ قلبها، وتغير حالها وفكرت أنه قد يكون بإنتظار رسالة منها أو يحاول الاتصال بها وربما يأخذه الشوق لرؤيتها. وبدأت تلتمس الاعذار شوقا، وتقول لكل غائب عذر، ولكل محب ساعة شوق تعيده لدرب الحب.
تكابر على هذا الحب وهي تعلم ان لا حيلة لها أمامه، وان نظرة من عينيه كفيلة بهدم كل الحواجز وعودت الحب خاضعا الى قلبها، هل هي أمام مفترق طرق؟ أم قد آن اوان اللحظة الحاسمة والقرار الاخير؟
إن في القلب غصة وان الذكريات قاسية، فكثيرا ما وقفت خلف النوافذ تنتظر مروره ولو سهوا، وكثيرا ما بحثت عنه في عيون الناس وعلى الشواطئ. كان قلبها يبحث عنه أينما ذهب، وكأن نبضة من نبضاته هربت وسكنت فؤاده. ان فؤاد هذا الرجل الذي لطفت به الأقدار بعدما كاد يكون ضحية حادث مروّع قد دخل في دوامة من الأحاسيس المتناقضة الغير مفهومة بسبب نبضة هاربة. فهل من العدل ان يعيش مثله كل هذه المعاناة؟ ان لهذا الرجل صفات منفردة لا يشبهه من الخلق احد، فهو يعيش الحياة بكل ما فيها، ليس عنده من الحدود ما يوقفه، لا يعرف معنى الاستسلام او الرضوخ، لا يأبه شيئا، فيه من القوة والشجاعة ما يجعله يخوض من التجارب أصعبها، رجلٌ لو نظرت عينيه ترى عمق البحر وتقلباته، فيه من الهدوء و الرأفة ما يعادل البأس والقوة، تشعر حين النظر اليه و كأنك تريد الابحار في تناقضاته. رجل يحمل في أعماقه من الغموض والرقة ما يجعله تارة قريب، أشبه بقرب الروح من الجسد و تارة بعيدٌ، بعيدٌ جدا كأنه يعيش في المجهول، وكأنك لا تستطيع الوصول اليه. يقضي أوقاته بين البواخر و وسط البحر و أمواجه العاتية، وسط الأهوال و المخاطر، لا يؤثر فيه برد الشتاء القارص ولا سطوع الشمس المحرق.
ان هذا الرجل المتناقض الغامض لا يجمعه من الصفات شيئا بهذه الشابة المفعمة بالاحاسيس المرهفة، يحاول فهمها واحتواء خوفها ومساعدتها على التخلص من تشتت افكارها الدائم، ولكنه يخفق في معظم الأحيان، هي مليئة بالاحاسيس الجميلة، والأحلام الوردية, الابتسامة لا تفارق وجهها، و الامل صديقها، ولكن رقتها المفرطة وقلبها الهش يحملانها على الخوف و التردد باستمرار. فهل حقيقة ما يحصل؟ هل لمثل هذا الرجل أن يعشق فتاة مفرطة الاحاسيس، مترددة؟ هل حقا يحبها أم انه يقول كلمات من ورق؟؟؟
تعليقات
إرسال تعليق